كتب / محمد شهدى سلطان
نقل «صندوق النقد الدولي» حزم السياسات المذكورة باسم «برامج التكيف الهيكلي» خلال الثمانينيات والتسعينيات وأوائل القرن الجارية، من بلد نام إلى بلد آخر، مقابل تدبير حزم الإقراض أو مقابل إعطاء «صك حسن السلوك» المشجع للمقرضين الكبار في العالم الصناعي الرأسمالي المتقدم اقتصادياً.
ومن دولة نامية إلى أخرى جرت سياسات «الصندوق» على النسق نفسه، تحت راية تحقيق التوازنات النقدية ــ المالية للاقتصاد ــ أي «التوازن الاسمي» باختصار Nominal. والرافعة الأساسية لسلة السياسات هذه في المجال النقدي هي رفع أسعار الفائدة، وخفض سعر صرف العملة المحلية. ويؤدي رفع أسعار الفائدة ــ فيما يذكرون ــ إلى جذب المدخرات نحو الجهاز المصرفي وسوق المال من جهة أولى، وتقليل الإنفاق الاستثماري «غير الضروري» من جهة أخرى.
أما خفض قيمة العملة المحلية فيؤدي ــ في عُرفهم ــ إلى خفض أسعار المنتجات المحلية حال تصديرها، ما يزيد التصدير بالتالي، ورفع أسعار السلع والخدمات الأجنبية حال استيرادها، ما يشجع على خفض الواردات، ويؤدّي بالتالي إلى نوع من التوازن في الميزان التجاري وميزان المدفوعات إلى حد كبير.
أما السياسات المالية ــ الليبرالية الجديدة ــ فقوامها تقليص إنفاق الحكومة الاجتماعي ــ على الدعم الأساسي والتعليم والصحة ــ مقابل انخفاض مستويات ومعدلات الضريبة المفروضة على الشرائح الدخلية العليا.
هذا البناء الفكري الضخم، الذي تم نقله إلى مصرنا العزيزة مؤخراً، سواء بدفع من «الصندوق» أو بغير دفع منه، يتجاهل الأخطاء الكامنة في هيكل هذا البناء. فالتوازن الإسمي أو النقدي يتم في هذه الحالة ــ إذا كان يتم أصلاً ــ من دون اهتمام موازٍ بالتوازن للاقتصاد العيني أو الحقيقي، أي التوازن القائم على التوسع المبرمج في القطاعات الإنتاجية الأعلى قدرة على توليد الناتج بكفاءة في الأجل الطويل، وهي الصناعة التحويلية والزراعة الأساسية والخدمات القائمة على العلم والتكنولوجيا.
لذلك تتم السياسات النقدية والمالية في بيئة غير منتجة وغير إنتاجية. فارتفاع أسعار الفائدة وتراكم المداخرات لدى الجهاز المصرفي في صورة ودائع لأجل، يحدّ من استثمارها المنتج لأشخاص القطاعين العام والخاص الراغبيين والقادرين على الإنتاج وفق خطة قومية شاملة مفترضة.
وإن خفض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى رفع أسعار الواردات ــ في الاقتصاد المصري المعتمد بدرجة عالية على الواردات من جميع الأنواع: استهلاكية ووسيطة واستثمارية ــ ما يؤدي إلى اتصال موجات متتابعة من ارتفاعات الأسعار. ومع انسحاب الدولة من الوظيفة الاقتصادية ــ الاجتماعية، تصعد الأسعار انطلاقاً من ارتفاع هوامش الأرباح لاحتكارات القلة، من دون ضوابط حقيقية لتحديد تلك الهوامش من قبل الدولة، ما يضع العبء الرئيسي على المستهلك النهائي ــ من بين كاسبي الأجور والمرتبات غير القادرين بطبيعة الحال على تعويض أثر التضخم على مستويات دخولهم الحقيقية.
نقل «صندوق النقد الدولي» حزم السياسات المذكورة باسم «برامج التكيف الهيكلي» خلال الثمانينيات والتسعينيات وأوائل القرن الجارية، من بلد نام إلى بلد آخر، مقابل تدبير حزم الإقراض أو مقابل إعطاء «صك حسن السلوك» المشجع للمقرضين الكبار في العالم الصناعي الرأسمالي المتقدم اقتصادياً.
ومن دولة نامية إلى أخرى جرت سياسات «الصندوق» على النسق نفسه، تحت راية تحقيق التوازنات النقدية ــ المالية للاقتصاد ــ أي «التوازن الاسمي» باختصار Nominal. والرافعة الأساسية لسلة السياسات هذه في المجال النقدي هي رفع أسعار الفائدة، وخفض سعر صرف العملة المحلية. ويؤدي رفع أسعار الفائدة ــ فيما يذكرون ــ إلى جذب المدخرات نحو الجهاز المصرفي وسوق المال من جهة أولى، وتقليل الإنفاق الاستثماري «غير الضروري» من جهة أخرى.
أما خفض قيمة العملة المحلية فيؤدي ــ في عُرفهم ــ إلى خفض أسعار المنتجات المحلية حال تصديرها، ما يزيد التصدير بالتالي، ورفع أسعار السلع والخدمات الأجنبية حال استيرادها، ما يشجع على خفض الواردات، ويؤدّي بالتالي إلى نوع من التوازن في الميزان التجاري وميزان المدفوعات إلى حد كبير.
أما السياسات المالية ــ الليبرالية الجديدة ــ فقوامها تقليص إنفاق الحكومة الاجتماعي ــ على الدعم الأساسي والتعليم والصحة ــ مقابل انخفاض مستويات ومعدلات الضريبة المفروضة على الشرائح الدخلية العليا.
هذا البناء الفكري الضخم، الذي تم نقله إلى مصرنا العزيزة مؤخراً، سواء بدفع من «الصندوق» أو بغير دفع منه، يتجاهل الأخطاء الكامنة في هيكل هذا البناء. فالتوازن الإسمي أو النقدي يتم في هذه الحالة ــ إذا كان يتم أصلاً ــ من دون اهتمام موازٍ بالتوازن للاقتصاد العيني أو الحقيقي، أي التوازن القائم على التوسع المبرمج في القطاعات الإنتاجية الأعلى قدرة على توليد الناتج بكفاءة في الأجل الطويل، وهي الصناعة التحويلية والزراعة الأساسية والخدمات القائمة على العلم والتكنولوجيا.
لذلك تتم السياسات النقدية والمالية في بيئة غير منتجة وغير إنتاجية. فارتفاع أسعار الفائدة وتراكم المداخرات لدى الجهاز المصرفي في صورة ودائع لأجل، يحدّ من استثمارها المنتج لأشخاص القطاعين العام والخاص الراغبيين والقادرين على الإنتاج وفق خطة قومية شاملة مفترضة.
وإن خفض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى رفع أسعار الواردات ــ في الاقتصاد المصري المعتمد بدرجة عالية على الواردات من جميع الأنواع: استهلاكية ووسيطة واستثمارية ــ ما يؤدي إلى اتصال موجات متتابعة من ارتفاعات الأسعار. ومع انسحاب الدولة من الوظيفة الاقتصادية ــ الاجتماعية، تصعد الأسعار انطلاقاً من ارتفاع هوامش الأرباح لاحتكارات القلة، من دون ضوابط حقيقية لتحديد تلك الهوامش من قبل الدولة، ما يضع العبء الرئيسي على المستهلك النهائي ــ من بين كاسبي الأجور والمرتبات غير القادرين بطبيعة الحال على تعويض أثر التضخم على مستويات دخولهم الحقيقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق