كتب / محمد شهدى سلطان
التحول الهيكلي للاقتصاد باتجاه تنمية القطاعات الإنتاجية هو في مقدمة البرنامج اليساري
لم يهتم ميلتون فريدمان بزيادة إنفاق الحكومات الغربية على التسليح والعسكرة وعلى الحروب العدوانية والتدخل في شؤون الدولة الساعية إلى التنمية والاستقلال، وحبك المؤامرات الاستخبارية وانتهاج سبيل المغامرة في السياسات الخارجية ــ ولم يهتم ميلوتن فريدمان بضرورة زيادة معدلات الضريبة على الشرائح الدخلية العليا للأفراد وأرباح الشركات ــ بل دعا وأضرابه إلى خفض الضرائب على تلك الشرائح من الدخول والأرباح فيما يسمى Tax cuts ومن ثم أُطِلق العنان للسياسات الاقتصادية القائمة على عسكرة الطلب الحكومي والطابع الاحتكاري للعرض، عبر صيغة «احتكار القلّة» من الشركات العملاقة عابرة الجنسيات.
لم يهتم النقديون الجدد والليبراليون الجدد بهذا كله، وكان ديْدنهم إلقاء اللوم والتبعة على الفقراء وعلى الدور الاجتماعي للدولة الذي يؤدي ــ في عرفهم ــ إلى تصاعد الديون العامة الداخلية والخارجية.
وجرياً على سنّة الليبراليين الجدد، وخاصة لمواجهة أزمات الديون في العالم النامي ــ التي انفجرت إثر انخفاض أسعار البترول والمواد الأولية مرة أخرى، وخصوصاً منذ 1986 ــ كان المنهج المتبع هو إجبار الدول النامية المدينة على اتباع سياسات تقشفية هدفها «اعتصار» جهد الفئات الفقيرة، وتوجيه الفائض الاقتصادي الوطني لسداد الديون الخارجية، بعد مراكمة الأرباح للفئات الغنية، وتحويل الشطر الأكبر من الدخل القومي إليها في صورة أرباح وفوائد وريوع مختلفة.
كانت أكبر أزمة للديون في العالم الثالث هي أزمة ديون المكسيك التي وصلت عام 1985 إلى حد تعذر سداد الديون وطلب تأجيل السداد (موراتوريوم Moratorium) ــ وكان أن اهتبلت الدول الصناعية الرأسمالية الفرصة، فأوكلت إلى «صندوق النقد الدولي» مهمة تدبير حزم تمويلية إنقاذية أو إسعافية للدول المدينة، مقابل التزامها بتطبيق نهج اقتصادي ليبرالي جديد، نقدي ــ جديد، قائم على ضمان سداد الديون، وضمان عدم التوسع في طلب المعونة من الخارج. وكان المفتاح لهذه السياسات هو «التقشف العام»، عبر خفض نفقات الدولة الاجتماعية على الطبقات المنتجة المسماة بالفقيرة. وسميت البرامج المتفق عليها مع الصندوق ــ وفق ذلك ــ ببرامج التثبيت أو الاستقرار أو التصحيح الهيكلي أو التكيف، أو ما شئت من الأسماء المرادفة، ولكن جوهرها واحد: التقشف، الانحياز للسوق الحرة عبر استبعاد دور الدولة والنهج التخطيطي، ومن خلال محاباة أصحاب الأعمال الكبيرة عبر خفض مستويات الضرائب وتقديم التسييرات والحوافز الضريبية على اختلافها، وإطلاق حرية أصحاب الأعمال وأرباب المهن العليا في فرض الأسعار وعوائد الخدمة دون ضوابط حقيقية، وإطلاق العنان للشركات الكبيرة ذات الموقع الاحتكاري في الأسواق (احتكارات القلة oligopoly)... كل ذلك بالإضافة إلى «اعتصار» جهد الفقراء، من خلال خفض مخصصات الدعم السلعي الموجّه للفئات الفقيرة والطبقات المتوسطة، وزيادة الضرائب «غير المباشرة» المفروضة على المبيعات والاستهلاك والقيمة المضافة، والتي يقع عبؤها الرئيسي على المستهلك النهائي... بالإضافة إلى الخفض المبرمج ــ أو عدم التوسع المبرمج ــ في مخصصات الخدمات الاجتماعية بما يتكافأ مع أهميتها المركزية في سلّة الحاجات الاجتماعية الأساسية للناس، وبخاصة التعليم والصحة.
بذلك يتحقق في عرفهم مواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، وتكوين احتياطي نقدي ولو بالاقتراض الأجنبي، ما يؤدي ــ كما يقولون ــ إلى الاستقرار الاقتصادي أو (التثبيت) ومن ثم ضمان النمو الاقتصادي في الأجل الطويل.
التحول الهيكلي للاقتصاد باتجاه تنمية القطاعات الإنتاجية هو في مقدمة البرنامج اليساري
لم يهتم ميلتون فريدمان بزيادة إنفاق الحكومات الغربية على التسليح والعسكرة وعلى الحروب العدوانية والتدخل في شؤون الدولة الساعية إلى التنمية والاستقلال، وحبك المؤامرات الاستخبارية وانتهاج سبيل المغامرة في السياسات الخارجية ــ ولم يهتم ميلوتن فريدمان بضرورة زيادة معدلات الضريبة على الشرائح الدخلية العليا للأفراد وأرباح الشركات ــ بل دعا وأضرابه إلى خفض الضرائب على تلك الشرائح من الدخول والأرباح فيما يسمى Tax cuts ومن ثم أُطِلق العنان للسياسات الاقتصادية القائمة على عسكرة الطلب الحكومي والطابع الاحتكاري للعرض، عبر صيغة «احتكار القلّة» من الشركات العملاقة عابرة الجنسيات.
لم يهتم النقديون الجدد والليبراليون الجدد بهذا كله، وكان ديْدنهم إلقاء اللوم والتبعة على الفقراء وعلى الدور الاجتماعي للدولة الذي يؤدي ــ في عرفهم ــ إلى تصاعد الديون العامة الداخلية والخارجية.
وجرياً على سنّة الليبراليين الجدد، وخاصة لمواجهة أزمات الديون في العالم النامي ــ التي انفجرت إثر انخفاض أسعار البترول والمواد الأولية مرة أخرى، وخصوصاً منذ 1986 ــ كان المنهج المتبع هو إجبار الدول النامية المدينة على اتباع سياسات تقشفية هدفها «اعتصار» جهد الفئات الفقيرة، وتوجيه الفائض الاقتصادي الوطني لسداد الديون الخارجية، بعد مراكمة الأرباح للفئات الغنية، وتحويل الشطر الأكبر من الدخل القومي إليها في صورة أرباح وفوائد وريوع مختلفة.
كانت أكبر أزمة للديون في العالم الثالث هي أزمة ديون المكسيك التي وصلت عام 1985 إلى حد تعذر سداد الديون وطلب تأجيل السداد (موراتوريوم Moratorium) ــ وكان أن اهتبلت الدول الصناعية الرأسمالية الفرصة، فأوكلت إلى «صندوق النقد الدولي» مهمة تدبير حزم تمويلية إنقاذية أو إسعافية للدول المدينة، مقابل التزامها بتطبيق نهج اقتصادي ليبرالي جديد، نقدي ــ جديد، قائم على ضمان سداد الديون، وضمان عدم التوسع في طلب المعونة من الخارج. وكان المفتاح لهذه السياسات هو «التقشف العام»، عبر خفض نفقات الدولة الاجتماعية على الطبقات المنتجة المسماة بالفقيرة. وسميت البرامج المتفق عليها مع الصندوق ــ وفق ذلك ــ ببرامج التثبيت أو الاستقرار أو التصحيح الهيكلي أو التكيف، أو ما شئت من الأسماء المرادفة، ولكن جوهرها واحد: التقشف، الانحياز للسوق الحرة عبر استبعاد دور الدولة والنهج التخطيطي، ومن خلال محاباة أصحاب الأعمال الكبيرة عبر خفض مستويات الضرائب وتقديم التسييرات والحوافز الضريبية على اختلافها، وإطلاق حرية أصحاب الأعمال وأرباب المهن العليا في فرض الأسعار وعوائد الخدمة دون ضوابط حقيقية، وإطلاق العنان للشركات الكبيرة ذات الموقع الاحتكاري في الأسواق (احتكارات القلة oligopoly)... كل ذلك بالإضافة إلى «اعتصار» جهد الفقراء، من خلال خفض مخصصات الدعم السلعي الموجّه للفئات الفقيرة والطبقات المتوسطة، وزيادة الضرائب «غير المباشرة» المفروضة على المبيعات والاستهلاك والقيمة المضافة، والتي يقع عبؤها الرئيسي على المستهلك النهائي... بالإضافة إلى الخفض المبرمج ــ أو عدم التوسع المبرمج ــ في مخصصات الخدمات الاجتماعية بما يتكافأ مع أهميتها المركزية في سلّة الحاجات الاجتماعية الأساسية للناس، وبخاصة التعليم والصحة.
بذلك يتحقق في عرفهم مواجهة العجز في الموازنة العامة للدولة، وتكوين احتياطي نقدي ولو بالاقتراض الأجنبي، ما يؤدي ــ كما يقولون ــ إلى الاستقرار الاقتصادي أو (التثبيت) ومن ثم ضمان النمو الاقتصادي في الأجل الطويل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق