قال لي أستاذي ذات مرة : البطولة تصنع البطل ، كان أستاذي
محقا كعادته . ألمانيا الغربية بطلة كأس العالم 1954 في مفاجأة صادمة أمام
المجر الأقوي حينها ، قصة مثيرة حقا ! إذن لنقرأها سويا عبر السطور التالية .. الطريق الى
المعجزة : كصرح عملاق هدم بضربة ثم بدأ إعادة بنائه من جديد ، هكذا بدأت
ألمانيا مجددا . الظروف لا تنظر إليك بل إنها عليك ، ماذا ستفعل حيال ذلك ،
ألمانيا التي دمرتها الحرب العالمية الثانية وقسمت لبلدين المانيا غربية واخرى
شرقية كان عليها إعادة بناء منتخبها الكروي مجددا .
لامناص ؛ فالفشل يناديك أن
تعال ، هكذا وجد سيب هربرجر مدرب ألمانيا الغربية نفسه ، هربرجر الذي حاول جاهدا
الحفاظ على لاعبيه بعيدا عن صراع الحرب ورغم ذلك لم تكن جهوده كافية ، أدولف اربان
مهاجم شالكة ونجمها الذي كانت بدايته مبشرة تم تعيينه في ستالينجراد ومثله مثل 2
مليونا شخصا لم يعودوا الى ديارهم . لم يشارك المنتخب الالماني في كاس العالم عام 1950 ، لم يقف
هربرجر عند ذلك كثيرا وبدأ في إصلاح وإعداد منتخب ألماني جديد ، فلعبت ألمانيا أول
مباراة بعد الحرب أمام سويسرا في شتوتجارت وانتهت بفوز الالمان بهدف نظيف ، لم تكن
البدايات جيدة مع هربرجر كعادتها الوقحة مع كل من هو مجتهد وعظيم ، الهزيمة من
أيرلندا وتركيا وضعت هربرجر تحت ضغط كبير وبدأ تصفيات مونديال 1954 بالتعادل مع
النرويج في اوسلو 1-1 لكنه انتزع الفوز الأهم له في التصفيات أمام سارلاند
المستقلة حديثا في ساربروكن 3-1 وذهب بألمانيا الى المونديال . نهائيات
المونديال وبدايات الحلم : بدأت ألمانيا المونديال بفوز على تركيا بأربعة أهداف مقابل
هدف ثم هزمت امام المجر والأمطار بثمانية أهداف مقابل ثلاثة بفريق مكون من لاعبي
دكة الاحتياط ثم فازت على تركيا مجددا بسبعة أهداف مقابل هدفين وتأهلت إلى الربع
نهائي ، مازال الحلم في بداياته
. في الدورالربع نهائي التقت ألمانيا بيوغوسلافيا وفازت بهدفين
نظيفين ، الحلم تبدأ معالمه في الظهور . في نصف النهائي
واجهت ألمانيا النمسا وفازت عليها بستة أهداف مقابل هدف ، لا أحدا يصدق ما يحدث
سوى الحلم . عبقرية مدرب وذكريات قائد : 1) هربرجر ها أنا
ذا أقود ألمانيا لنهائي المونديال ، لطالما حلمت بذلك اليوم ، عملت جاهدا لتحقيقه
، ثمة سنوات كثيرة مرت وأنا هنا ، زرعت الثقة في نفوس لاعبين لا أمل لهم في الحياة
لا في الكرة فحسب كمن زرع صحراء جرداء اكتشفت لتوها ، الكرة مدورة والمباراة تستمر
لتسعين دقيقة وما بعد المباراة هو قبل المباراة ، هكذا كنت أحدثهم دوما أستحثهم
على بذل المزيد من العطاء ، أعتقد أنني نجحت في ذلك ، أنا الآن ذاهب لألعب مباراة
النهائي ، أشعر أن ألمانيا كلها صارت كسلسلة ثمينة حول عنقي ، سلسلة تقدر أن تزين
رقبتي بنفس قدرتها على خنقي بسهولة ، إذن فليكن ما يكون ، سنذهب للنهائي وسنفوز ،
لكن مهلا ، اللاعبون لا يستطيعوا اللعب في جو ممطر ، حين تمطر أثناء اللعب يتحولوا
إلى مهرجي سيرك لا لاعبي كرة ، ماذا علي أن أفعل ؟! المشاكل لا تتركني كأنها صديق
مقرب ، أه وجدتها ، أدولف داسلر صديقي الاسكافي سأرسل له يصنع لي أحذية تواجه
المطر ، أرجو أن ينجح.. نعم لم يخيب ظني وأرسل لي تلك الأحذية ، أحذية بستة مسامير
تمنع اللاعبين عن التزحلق على أرضية الملعب ، الآن نحن جاهزون للفوز . 2) فريتز فالتر : يا إلهي إننا
ذاهبون الي نهائي المونديال ، لا أصدق عيناي ، إنها أهم مباراة في حياتي ، ما الذي
جاء بي إلى هنا وكيف ؟ ثمة ذكريات تروح وتجئ في مخيلتي . أتذكر ذلك اليوم
من عام 1945 عندما وقعنا في أسر القوات الأمريكية أنا وقاعدة سلاح الجو التي كنت
ضمنها ، ثم تسليمنا للجيش الروسي وشحننا إلى سيبيريا حيث الموت المنتظر ، أنا الآن
مازلت حيا وسأكون قائد ألمانيا في نهائي كأس العالم ، أه لو فعلها الحظ معنا ،
لاشيئ صعبا ، من تسع سنوات كنت قاب قوسين أو أدنى من الموت والآن سألعب نهائي كأس
العالم ، إذن فلنفعلها
. معجزة بيرن (لحظة البعث) : كل التوقعات
تقول أن المجر ستفوز ، شيء بديهي كأن تقول هذه أرض وهذه سماء ، زادت أسهم المجر
باشتراك نجمها الكبير بوشكاش الذي كان مصابا قبل المباراة ، السماء تمطر والأرض
تبتل ، هذا فأل حسن ، سنفعلها كما فعلناها في دور المجموعات ، ثمانية أهداف مجددا
؟ خمسة ؟ ستة ؟ لا يهم سنفوز بالمونديال فحسب وسنجهز الاحتفالات قبل أن تبدأ
المباراة ، هكذا كان لسان حال المجريين . بدأت المباراة
سريعة ولم تخيب المجر التوقعات ، فتقدم بوشكاش بالهدف الأول في الدقيقة السادسة ثم
أضاف تشيبور الهدف الثاني في الدقيقة الثامنة .
صاح هربرجر
واضعا يديه على ركبتيه : فريتز تحرك إنه طقسك . كان الألمان على
ثقة كبيرة إذ سرعان ماعادوا للمباراة من جديد ، في الدقيقة 18 قلص مورلوك الفارق
ثم تعادل ران وانتهى الشوط بالتعادل ، كانت الأحذية الجديدة ذات المسامير تلعب
دورا بارزا ، إذ كان لاعبوا ألمانيا يتحركون بسرعة وخفة رغم الأرض المبتلة أثارت
ذهول المجريين ، الحلم يولد من جديد . الشوط الثاني
ضغطت المجر بقوة دون جدوى ، سنقاتل من أجل الفوز سنرتمي أمام الكرة حتى لا تدخل
الشباك ، كما كنا نرتمي أمام الدبابات وقوات الحلفاء ، فالارتماء أمام الكرة محض
نزهة ، هكذا كانت إرادة وقوة الألمان . في الدقيقة 84
يستلم ران الكرة في منتصف الملعب ويسدد ! هدف ، هدف ، هدف ، هل تعتقدون أنني جننت
هدف لالمانيا هكذا صاح المعلق الألماني زيمرمان عقب تسجيل ران هدف الفوز ، صرخات
زيمرمان الصاخبة التي ستظل محفورة في أذهان الالمان إلى الأبد وستجعل منه معلقا
أسطوريا .
بعد هدف ألمانيا الثالث تعادلت المجر بهدف لبوشكاش ولكنه ألغي بداعي
التسلل ولكنه لم يكن متسلللا ، وانتظر الألمان صافرة النهاية ، دقائق مرت أُطول من
سنوات الحرب ، و .. انتهت انتهت انتهت ، ألمانيا بطلة لكأس العالم ، حدثت المعجزة
فعلها الألمان ، الحظ أراد ونفذ ، ابتسم لبلد عاش سنوات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق